عيون في السماء

مقارنة بين صور الأقمار الصناعية الملتقطة عام 2018 مع تلك التي في 2019

ما رأيكم أن نسافر عبر الزمن، لنعود للوراء بضع سنوات فقط، وبالتحديد الى شهر آب من العام 2019. أي قبل الإعلان عن أول ظهور لفيروس كورونا بثلاثة أشهر. حيث إن السلطات الصينية كانت قد أعلنت عن ظهور الفيروس في شهر تشرين الثاني من نفس ذلك العام. ففي هذا الشهر كانت الأقمار الصناعية قد التقطت فيه صورا لأماكن الاصطفاف في محيط أكبر خمسة مستشفيات في مدينة وهان الصينية. ليتضح بعد ذلك أن هذه الصور ذات أهمية كبيرة

فقد توصل فريق علمي من جامعة هارفارد (المصدر في آخر المقالة)، بعد أكثر من سنة، أي بعد فوات الأوان، من خلال دراسة هذه الصور أنه كانت هنالك زيادة كبيرة في عدد المركبات المصطفة أمام هذه المستشفيات في أواخر صيف ٢٠١٩ مقارنة بتلك المركبات المصطفة في نفس الوقت من العام ٢٠١٨. مما أعتبره أعضاء الفريق الباحث دليل على تفشي الفيروس وانتشاره قبل الإعلان عنه رسميا من قبل السلطات

والآن تخيلوا معي لو أن هذه الصور تم الانتباه اليها وتحليلها في نفس وقت التقاطها أو في وقت قريب من ذلك، لربما باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، لكان من الممكن الاستفادة من ثلاثة أشهر إضافية للتعامل مع هذه الجائحة والبدء مبكرا بإعداد المطعوم

وبغض النظر عن مدى المصداقية العلمية لنتائج هذه الدراسة، فهي تعتبر مثالا عمليا كيف أن الأقمار الصناعية تعتبر عيوناً في السماء تأتيك بالأخبار من أي مكان، اليوم أو في الأمس. وان كان هذا المثال قائم على رحلة عبر الزمن الى الماضي، الا أن المقصود هو المستقبل، فتكنولوجيا الفضاء والأقمار الصناعية ليست بذخاً أو إسرافاً بغير محله، إنما ضرورة وطنية لا يمكن الاستغناء عنها

فراس جرار

ح5 حزيران 2021

المصادر

Nsoesie, Elaine Okanyene, Benjamin Rader, Yiyao L. Barnoon, Lauren Goodwin, and John S. Brownstein. Analysis of hospital traffic and search engine data in Wuhan China indicates early disease activity in the Fall of 2019 (2020).