هل هنالك إشارة الى الطائرات في القرآن الكريم؟

القراّن الكريم هو كتاب الله المعجز الذي لا تنقضي عجائبه. وكلما تطورت البشرية وازدادت علما كلما تكشفت لنا المزيد من الأسرار المخفية. ومن الآيات التي يدعونا الله عز وجلّ فيها للنظر وللتدبر الآية 65 من سورة الحج حيث يقول الله سبحانه وتعالى

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ

يظهر، والله تعالى أعلم وأجل، أن هذه الآية تشير إلى أن الله تعالى سخر لنا وسائل المواصلات، بما في ذلك الطائرات

فمن المعلوم أن كلمة السماء وردت في القران الكريم بمعان متعددة. فمثلا في نفس السورة “مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ” الآية 15. هنا السماء هي سقف البيت. وفي نفس السورة أيضا “أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً ۗ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ” الآية 63. والسماء هنا هي السحاب

السماء بشكل عام في اللغة هي ما يقابل الأرض والسماء من كل شيء أعلاه. ومن الممكن في اللغة العربية ذكر الجزء بمعنى الكل وفي حالات أخرى ذكر الكل بمعنى الجزء. ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى في سورة نوح “وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا” الآية 7. والمقصود بأصابعهم هو أناملهم أو أطراف أصابعهم. وهذا يعتبر من أوجه البلاغة

كما أن في قوله تعالى “أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ”، فإن العطف بين تسخير ما في الأرض (الدواب والسيارات، …) والفلك التي تجري في البحر (السفن) وإمساك السماء ما يدعو للتدبر. فإن من الممكن إن كلمة السماء هنا تشير إلى الطائرات وغيرها من الآلات التي تحلق في السماء

ومما يرجح ذلك أيضا هو ورود كلمة “تَقَعَ” في الآية. فإذا افترضنا أن المقصود بالسماء في هذه الآية الكواكب والنجوم فالحقيقة أن كثير منها أكبر بكثير من كوكب الأرض. شمسنا على سبيل المثال قطرها أكبر تقريبا بمئة مرة من قطر الأرض وحجمها أكبر بحوالي مليون مرة من حجم الأرض وبناءً عليه فإن كلمة ” تَقَعَ” لا تنطبق في هذه الحالة. فكيف يقع الكبير جدا على الصغير. وإن كان المقصود بالسماء هنا النيازك فلماذا وردت “أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ” في حين أن آيات العذاب من السماء جاءت بلفظ “عَلَيْكُمْ” كما في قوله تعالى “أمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ” سورة الملك الآية – 17

كما أنه هذه الآية، 65 من سورة الحج، في سياق رحمة وليست في سياق عذاب، حيث ختمت بقوله تعالى : إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ

ومما يدعوا للتأمل أيضا استخدام كلمة “يُمْسِكُ” في الآية. فلقد وردت نفس الكلمة في سياق الحديث عن عملية الطيران وذلك في سورة النحل الآية 79 في قوله تعالى “أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ” وكذلك في قوله تعالى في سورة الملك الآية 19 “أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ

أضف الى ذلك أن الاستثناء المذكور في الآية “إِلَّا بِإِذْنِهِ” قد يدل على أن هذا الأمر وهو وقوع السماء (الطائرات) على الأرض أمر وارد. فإن كانت معظم الطائرات تصل وجهتها بسلام فإن منها ما يقع على الأرض من حين الى آخر مسببة بوقوعها خسائر بشرية ومادية

والآن إذا عدنا الى الآية التي تسبقها مباشرة: “لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ”، وتفسير الإمام القرطبي لهذه الآية ينص على أن لله ما في السماوات وما في الأرض خلقا وملكا؛ وكل محتاج إلى تدبيره وإتقانه. فإذا جمعنا تفسير الآية 64 مع محاولة التدبر والتأمل في الآية 65، يحصل المعنى أن الله عز وجل هو الخالق والمالك لكل شيء بما في ذلك السيارات، والسفن، والطائرات والتي قد سخرها لنا لنقضي حوائجنا

أخيرا ختمت الآية 65 بقوله تعالى “إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ” مما يمكن فهمه على أن هذا التسخير هو رحمة من الله وحفظا للناس في سفرهم وتنقلهم في البر والبحر والجو خاصة في سياق سورة تتحدث عن شعيرة الحج والتي تتطلب السفر والانتقال

هذه تأملات ومحاولة للتدبر في كتاب الله عز وجل امتثالا لقوله تعالى: “أفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا” الآية 24 من سورة محمد. فإن أصبت فبنعمة من الله تعالى وله الشكر والحمد، وإن أسأت أو أخطأت فمن نفسي وأستغفر الله العظيم على ذلك

فراس جرار

التاسع عشر من رمضان عام 1441 هجري

الموافق 12 مايو 2020

الهندسة الصناعية وخلق الإنسان

هل ستزول التكنولوجيا قبل نهاية العالم؟

الذكاء الاصطناعي – هل يمكن للآلة أن تفكر؟

خارطة الطريق للنهضة الصناعية العربية

3 thoughts on “هل هنالك إشارة الى الطائرات في القرآن الكريم؟

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s