
ترجع بداية الحديث عن الذكاء الاصطناعي إلى منتصف القرن الماضي حيث قام العالم البريطاني “آلان تورنج” بنشر ورقة بحثية بعنوان “الآلة الحاسوبية والذكاء”. وتعتمد هذه التقنية في أساسها على محاكاة عمل الشبكات العصبية في دماغ الإنسان. وتوجد اليوم العديد من التطبيقات للذكاء الاصطناعي مثل: الترجمة، والتعرف على الوجوه، والقيادة الذاتية للسيارات، والتعرف على الكلام، ورسم الخرائط، وإجابة الاستفسارات على الهاتف، وتشخيص الأمراض، وتقديم الاقتراحات في برامج الكتابة أو على صفحات الإنترنت، ولعب الشطرنج
ومن المحطات الهامة في تاريخ الذكاء الاصطناعي هو ما حدث في عام 1997 حين هزم برنامج الذكاء الاصطناعي المسمى “ديب بلو” بطل العالم في الشطرنج “غاري كاسباروف”. ويرجع سبب فوز الآلة في هذه الحالة الى تجريب ملايين السيناريوهات في كل خطوة، الشيء الذي لم يكن ليقدر عليه كاسباروف
والسؤال الذي يخطر على البال هنا، هل من الممكن فعلا أن تكون الآلات ذكية؟ هل يمكن للآلة أن تفكر؟
تمتلك برامج الذكاء الاصطناعي بعض المواصفات التي يمكن وصفها بالذكية. فلديها القدرة على التعلم والاستنتاج. فبعد أن يتم تغذية هذه البرامج بالكثير من الأمثلة عن ظاهرة معينة تصبح قادرة على الاستنتاج أو التنبؤ بالنتيجة لأي مدخلات جديدة متعلقة بالظاهرة نفسها. وبلا شك أن هنالك نوعاً من الذكاء في هذه القدرة على إيجاد علاقة بين معطيات مختلفة للتنبؤ بالنتيجة أو تحقيق هدف محدد. إلا أنه في نفس الوقت فإن هذه البرمجيات لا تعي الطبيعية الفيزيائية للظاهرة قيد الدراسة
يحتاج الذكاء الحقيقي في جوهره الى إرادة وإدراك وهما ما لا ولن تستطيع أي آلة من امتلاكهما. فمثلاً عندما يقوم برنامج الذكاء الاصطناعي بترجمة نص معين فهو لا يدرك معنى النص وإنما يعتمد تقنيات إحصائية وبيانات ضخمة لتنفيذ هذه المهمة. بالإضافة الى ذلك فإن هذه البرامج لا تستطيع أن تحدد هدفها أو أن تبرمج نفسها. وعليه فإن وصف هذه البرامج أو الآلات بالذكية قد لا يكون وصف دقيقاً لطبيعتها
وعلى أي حال يمتلك العقل البشري خصائص وصفات عديدة تعجز عنها الحواسيب مثل المرونة في التعامل مع المشكلات المختلفة، والقدرة على تحديد الأولويات، والقيام بقفزات ابتكارية، والتخيل، والبرمجة، وبعض الأمور التي لا يُعرف أسرارها وكنهها مثل الحدس والإلهام
وبعيدا عن هذا النقاش الفلسفي فإن ما يسمى بالذكاء الاصطناعي يعتبر تكنولوجيا لا غنى عنها في عالمنا اليوم. وإن كانت كفاءة الحاسوب دون مستوى الأداء البشري، إلا أن سرعة الحواسيب في معالجة وتخزين المعلومات تجعلها مناسبة للعديد من التطبيقات التي قد تبدو مملة، ومرهقة للبشر. فما قد يتطلب البشر أشهر من العمل أصبح من الممكن إنجازه في ساعات
لقد صنعت مشاهد الرعب من أفلام الخيال العلمي لدينا تصورا سلبياً عن هذه التقنية ورسمت سيناريوهات مخيفة عن مستقبل البشرية في ظل تمرد الآلات وحربها على صانعها الإنسان. إلا أن الواقع يختلف كثيراً عن ذلك كله، فإن في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي فوائد وإمكانيات هائلة. ومثلما أن المحركات تعد امتداداً لقدرات البشر في حمل الأثقال والتنقل، فإن الذكاء الاصطناعي يمكن النظر إليه على أنه امتداد لقدرتنا على الحساب والاستنتاج
ولمزيد من المعلومات المبسطة عن هذا الموضوع أقترح قراءة كتاب صدر حديثاً بعنوان: الآلات التي تفكر – كل شيء ينبغي أن تدركه عن حقبة الذكاء الاصطناعي القادمة
فراس جرار
الثاني من ذي الحجة 1441
الموافق 23 تموز 2020
هل هنالك إشارة الى الطائرات في القرآن الكريم؟